لفياجرا فى العالم

أدوية الضعف الجنسي سوق بستة مليارات دولار




تقدر الدراسات عدد الرجال, الذين يعانون من الضعف الجنسي حول العالم بمئة وخمسين مليوناً, منهم ثلاثون مليوناً في أوروبا وعشرون مليوناً في العالم العربي, يستهلكون أدوية للضعف الجنسي تقدر بحوالي ملياري دولار.


يبحث الأطباء منذ زمن عن سبل لعلاج الضعف الجنسي, وهو مرض يصيب ملايين الرجال, خاصة في الدول التي ينخفض فيها مستوى المعيشة ويرتفع فيها مستوى التلوث البيئي والفقر والضوضاء وفي المدن الصناعية المزدحمة, بالإضافة إلى الأسباب النفسية المسؤولة عن نصف حالات الضعف الجنسي, بسبب تزايد حالات الاكتئاب والبطالة وصعوبة المعيشة, وكما يقول أحد أطباء النفس: ''''الانكسار في ساعات النهار يولد انكساراً مماثلاً في الليل'''', ولذا حظي عقار فياجرا عند طرحه في الأسواق بشهرة منقطعة النظير, وانتشر بسرعة هائلة, إذ قدر عدد الأقراص, التي بيعت بعد اكتشافه بخمس سنوات, بأكثر من بليون قرص, وهكذا أصبح عقار فياجرا خلال بضع سنوات أكثر شهرة من الأسبرين, بل قد تجد من لا يعرف الأسبرين المتداول على نطاق واسع في جميع أنحاء المعمورة; ولكنك لا تجد من لا يعرف الفياجرا, ومما ساعد على انتشاره كثرة تناوله في وسائل الإعلام, سواء مع الأخبار أو بالتعليق الساخر أو التحذير, وأصبح هذا العقار يشكل 10 بالمئة من مبيعات شركة ''''فايزر'''' التي تنتجه.
كان عقار الفياجرا وعقاقير معالجة الضعف الجنسي الأخرى, الموضوع الأهم على جدول أعمال المؤتمر السنوي التاسع عشر للجمعية الأوروبية للمسالك البولية, الذي عقد هذا العام في العاصمة النمساوية فيينا; إذ ناقش هذا المؤتمر دراسة, اشترك في إعدادها قرابة ألف طبيب من مختلف دول العالم حول هذا الموضوع, وكان من أبرز فعاليات المؤتمر قيام 12 مريضاً بالضعف الجنسي من دول عربية وأجنبية بعرض تجربتهم الجنسية أمام المؤتمر, وقال أحدهم إنه شارك في المؤتمر من أجل مساعدة ملايين الرجال المترددين في الكشف على أمراضهم الجنسية, وكسر حاجز الخوف وكيفية الاستفادة من الفياجرا في مواصلة الحياة الطبيعية مع الزوجة, لدرجة أن الأطباء أطلقوا على هؤلاء المرضى ''''سفراء الفياجرا في فيينا'''', وتراوحت أعمار المرضى المشاركين في المؤتمر من 40 إلى 72 عاماً, أقروا بأنهم يتناولون عقارات مقوية للممارسة الجنسية منذ 6 سنوات, أي بعد ظهور الفياجرا مباشرة, وكان من بين سفراء الفياجرا محمد إبراهيم مرزوق وزوجته عفاف عبد العزيز, وكلاهما مصريان, عرضا تجربتهما الجنسية أمام المؤثمر, وقالا إنهما رغم مرور 32 عاماً على زواجهما فهما يواصلان حياتهما الجنسية بالاعتماد على تناول المقويات الجنسية, معتبرين أن تلك الأقراص وسيلة لإنقاذ الحياة الزوجية في بعض الأحيان, لتراجع الطاقة الحيوية في الجسم بعد الخمسين, ويقول مرزوق:''''أنا لاأعاني من أمراض في القلب أو الضغط أو السكر, إلا أن الرغبة الجنسية الجنسية عندي تراجعت منذ أكثر من سبع سنوات, وعندما لاحظت ضعف انتصابي ذهبت إلى طبيب وعالجني بالكريمات في البداية ثم الحقن,غير أنها لم تجد, فنصحني الطبيب باللجوء إلى الفياجرا'''', أما زوجته عفاف فتقول: '''' كنت أشعر بالضيق حينما لا يداعبني زوجي في غرفة النوم, وكنت أفكر بأمور قاسية على النفس, خاصة وأنه يمضي أوقاتاً طويلة خارج المنزل, إلا أن الطبيب, الذي كان صديقاً للعائلة, شرح له الأمر وقال إن الضعف الجنسي أمر طبيعي بعد الخمسين'''' ويعلق مرزوق بأنه يشعر الآن براحة نفسية كبيرة.

وكشف الأطباء في المؤتمر عن زيادة حالات المرضى, المكتشفة بعد ظهور دواء الفياجرا, والتي ازدادت من 4,4 ملايين وصفة طبية إلى 19 مليون وصفة بعد مرور عام واحد فقط, ووصلت في عام 2003م إلى 133 مليون وصفة طبية, ووصل عدد الأقراص المباعة إلى مليار قرص تناولها 23 مليون مريض في العالم.

في العالم العربي, تعتبر مصر من أكبر الأسواق, وتقول الدراسات إن المصريين ينفقون سنوياً حوالي ثمانية مليارات جنيه على الفياجرا وما شابه, وهي سوق أغرت المهربين, فنشأت سوق للأقراص المهربة, التي يتراوح فيها سعر الحبة من 7 إلى 10 جنيهات, على رأسها عقار ''''فيجا'''' و''''سوبر فيجا'''' من إنتاج سورية و''''لي فياجرا'''' من إنتاج تركيا, إضافة إلى عقاقير مشابهة من فرنسا والهند, تحتوي على المادة الفعالة نفسها للفياجرا, التي يبلغ سعر الحبة الواحدة منها سبعة وعشرين جنيهاً, وقد أسفرت إحدى محاولات التهريب منذ عام عن ضبط 3 ملايين قرص فياجرا داخل ثلاث حاويات, تم إدخالها لميناء ''''العين السخنة'''' في السويس, وقام بتهريبها أحد رجال الأعمال على أنها حاويات ملابس جاهزة, كما ضبط رجل أعمال آخر وبحوزته 4 حقائب تحتوي على 283 ألف قرص فياجرا, حاول تهريبها من الإمارات إلى مصر بصحبة شقيقته وزوجته, وبمساعدة أحد المسؤولين, عن طريق إدخاله إلى قاعة كبار الزوار والهرب منها, إلا أن رجال الجمارك كشفت الحقائب وضبطت الفياجرا, كما تم ضبط شحنة فياجرا في ميناء دمياط بلغت قيمتها 25 مليون جنيه مصري, وكانت الضرائب المستحقة عليها 50 مليون جنيه.

في بقية الدول العربية تشير المصادر الصيدلانية إلى أن حجم الإنفاق على عقاقير الضعف الجنسي في دول مجلس التعاون بلغ سنة 2003م أكثر من 38 مليون دولار و نصيب السوق السعودية منها 80 بالمئة, بينما تأتي الإمارات في المرتبة الثانية تليها الكويت, أما في المغرب فيصل عدد الحبات المستهلكة سنوياً إلى 120 ألف حبة سنوياً, ويقتصر أمر تناول الفياجرا على الفئات الميسورة, لأن ثمن الحبة الواحدة يصل إلى 13 دولاراً تقريباً, وتحتوي كل علبة على خمس حبات, إذ يصل ثمن العلبة إلى 65 دولاراً تقريباً, كما أنتجت العراق دواء شبيهاً في مدينة سامراء, أطلق عليه اسم ''''سماجرا'''', جرى طرح مليوني حبة منه العام الماضي.

ورغم معجزات الفياجرا, إلا أن اثنين بالمئة من مستخدميه يصابون بأعراض جانبية تتنوع من شخص لآخر, فقد يُحدث انتفاخات في الوجه أو حساسية للضوء أو صدمة وضيق تنفس أو ضعفاً عاماً أو ألماً ورعشة أو سقوطاً مفاجئاً أو آلاماً في الصدر وأعراض ذبحة صدرية أو سرعة في ضربات القلب و خفقاناً أو انخفاضاً في الضغط وتوقفاً في القلب أو قيئاً والتهابات في اللثة واللسان والمعدة والأمعاء والقولون والمفاصل وآلاماً عظمية وأخرى في البلع, إضافة لتغير في وظائف الكبد وفقر دم ونقص كرات الدم البيضاء وعطش أو استسقاء أو سكر غير مستقر أو ورم في الأطراف وارتفاع حامض البوليك وزيادة في التعرق وقرح في الجلد وسقوط في الشعر, والفياجرا ممنوعة على بعض مرضى القلب والكلى والكبد والحساسية والضغط وسائر المرضى, الذين يتناولون أدوية تحتوي على النترات, ولا يوجد حصر دقيق حتى الآن لضحايا الفياجرا, خاصة أن كثيراً من الحالات يتم التستر عليها لسبب أو لآخر, إلا أن عدداً من مستخدميه أصيبوا بحالات هبوط حاد في الدورة الدموية, مما أدى إلى وفاتهم, وقصة ذلك العريس ذي السبعة والعشرين عاماً, الذي توفي أثناء شهر العسل معروفة, فقد كان يعاني من ارتفاع ضغط الدم وتناول الفياجرا بناء على نصيحة أصدقائه, مما أدى إلى وفاته, ولربما كان هذا أوفر حظاً من ذلك الذي قضى نحبه بعد زفافه بست ساعات فقط إثر تناوله قرصاً من عيار 100 ملغ, فهبطت دورته الدموية حتى قضت عليه.

رغم كل ذلك, مازال كثير من الرجال يخاطرون بحياتهم ويتناولون الفياجرا دون استشارة طبية, إلا أن كثرة الحديث عن هذا الموضوع أفادت المرضى, الذين باتوا يعرفون أنهم ليسوا وحيدين في مشكلتهم وبدؤوا يفصحون عنها بحثا عن العلاج, ويؤكد كثير من الصيادلة أنه لم يعد هناك خجل لدى الرجال من طلب الفياجرا والسؤال عنها في منافذ البيع, بل إن هناك نساء يشترينها أيضاً, لأزواجهن طبعاً.

هذا النجاح, الذي حققته شركة ''''فايزر'''' بإنتاج الفياجرا, دفع كثيراً من الشركات الأخرى لتطوير أدوية ليس لها الآثار الجانبية لهذا العقار, فقد حصل عقار ليفيترا لعلاج العجز الجنسي على موافقة في الولايات المتحدة في أول تحد لعقار الفياجرا, وهو حبة برتقالية اللون من إنتاج شركتي ''''غلاكسو سميث كلاين وباير'''' وصرح مسؤولون في الشركة المنتجة أن بإمكان الدواء الجديد معالجة حالات عجز الانتصاب الناتجة عن الإصابة بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم الحاد والضغوط النفسية, وأشارت التجارب, التي أجراها باحثون في الشركتين على 1400 من الرجال, الذين يعانون من ضعف الانتصاب, إلى أن الجرعات المنتظمة, التي أعطيت للمصابين لمدة 26 أسبوعاً أظهرت تحسن 85% من الحالات, مشيرين إلى أن أهمية هذه النتائج تكمن في أن التحسن في حالات المرضى أمكنت ملاحظته في مختلف الحالات ''''سواء أكانت أسباب العجز عضوية أو نفسية أو الاثنتين معا'''', وتقول الشركة المصنعة لعقار ليفيترا إن من مميزاته الكبيرة هو أنه يعمل بسرعة, وفي التجارب العملية حقق بعض الرجال تأهباً خلال 16 دقيقة, وردت شركة ''''فايزر'''' بدراسات تبين أن نصف الرجال الذين يتعاطون الفياجرا تمكنوا من الاستعداد للجنس خلال 20 دقيقة.

كما واجهت حبة الفياجرا منافسة حقيقية من عقار سياليس, وذكرت تقارير على نطاق واسع بأن عقار سياليس من تطوير شركة ''''إلي ليلي'''' بالتعاون مع شركة ''''إيكوس كورب للتكنولوجيا الحيوية'''' أسرع مفعولأ من الفياجرا. وقالت الشركة المنتجة لسياليس أن من يلجأ إلى حبتها يصبح جاهزاً على مدار 36 ساعة, أما الفرصة المتاحة لمستخدمي فياجرا فهي أربع ساعات وخمس ساعات للذين يلجؤون إلى ليفيترا.

الأمر الأكثر أهمية في عقار سياليس أنه يعالج ضعف القدرة الناتج عن عمليات سرطان البروستات, فقد أشارت التجارب السريرية إلى أن أكثر من 60 بالمئة من الرجال, الذين خضعوا لعملية سرطان البروستات, قد أفادوا عن تحسّن في أدائهم الجنسي بعد تناولهم ''''سياليس'''', ويقول الأطباء إن ضعف القدرة عند الرجال, الذي تسببه الإصابة الموضعية للأعصاب خلال العملية الجراحية لسرطان البروستات, هو أصعب الأنواع علاجاً, حيث يتعرّض ما لا يقل عن 50 بالمئة من الرجال, الذين خضعوا للعملية, لمشاكلات ضعف القدرة لمدة 18 شهراً أو أكثر.

كما ظهر إلى جانب الأقراص حقن تسمى ''''كوريت'''' وتعطى لحالات الضعف الجنسي الشديدة جداً.
هكذا أصبح للفياجرا منافسون حقيقيون, بل بدؤوا بأخذ الحصة الأكبر من السوق, إذ أظهرت دراستان ألمانيتان حديثتان أن معظم المصابين بعجز جنسي يفضلون عقارين منافسين لعقار الفياجرا, وأن عقاري سياليس وليفيترا تصدرا قائمة العقاقير, التي يقبل عليها المرضى, مع تقدم عقار سياليس نظراً لاحتوائه على مادة ''''تادالافيل'''' التي تزيد من فاعلية الدواء, وتشير إحدى الدراستين إلى أن 45% من مجموع 150 مريضاً يفضلون عقار سياليس, وأن 30% يفضلون ليفيترا, بينما يفضل 13% الفياجرا, وقال 12% إنهم لا يفضلون عقاراً بعينه, بينما تشير دراسة أخرى إلى أن 43% يفضلون عقار ليفيترا, في حين يفضل 40% سياليس و17% الفياجرا.

[b][i][u]